الخميس، 27 أغسطس 2009

هل تنفع بنسالم حميش ثقافة الصالونات لفك الارتباط بمثقفي الغنائم والامتيازات؟




عيّن الملك محمد السادس الروائي المغربي بنسالم حميش، وزيراً جديداً للثقافة خلفاً للفنانة المسرحية ثريا جبران اقريتيف بعد التعديل الجزئي الذي طرأ على حكومة الفاسي، وهو التعديل الذي عرف بالإضافة إلى حقيبة وزارة الثقافة، ترضية الأمين العام للحركة الشعبية امحند العنصر بحقيبة فارغة كوزير للدولة لشغل مكان حزب الأصالة والمعاصرة الذي خرج من جبة حكومة عباس ليجرب المعارضة ويتمرس على أبجدياتها، ومنصف اليازغي الذي تحمل حقيبة وزارة الشباب والرياضة بلون الأحرار بدل العداءة المغربية نوال المتوكل، والحركي محمد أوزين كاتبا للدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون.

وزارة الثقافة التي أصبحت حقيبة اشتراكية بامتياز بعد أن تناوبت على تسيير دفتيها أسماء تنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي بدءا من الوزير السابق محمد الأشعر ي الذي قضى على رأسها ولايتين متتاليتين مع حكومة الاشتراكي الذي كان، الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي فيما عرف آنذاك بحكومة التناوب التوافقي، ومع حكومة التيقنوقراطي رجل الأعمال المعروف إدريس جطو، الذي كان تعيينه وزيرا أول في حكومة قال عنها الاتحاد الاشتراكي في إدبانه أنها لم تحترم فيها المنهجية الديمقراطية، فتم التخلي عن المجاهد عبد الرحمان اليوسفي الذي رجع غاضبا إلى كان الفرنسية، كما كان يفعل دائما وهو كاتب أول للاتحاد الاشتراكي كلما وجهت إليه انتقادات ومؤاخذات إخوانه في الحزب، مرورا بابنة الشعب ثريا جبران كما نعتها عديدون من الإخوان الذين انقضوا بمجرد توزيرها على مناصب ومسؤوليات في ديوانها، ثريا التي تم حسبها على الاتحاد الاشتراكي وإن كانت لم تبطق ببطاقة الحزب في يوم من الأيام ، وصولا إلى عضو المجلس الوطني للحزب المثقف بنسالم حميش، ولولا سقطة الأشعري الانتخابية خلال تشريعيات شتنبر 2007 بمسقط رأسه مكناس الزيتونة لما استمر على راسها لولاية ثالثة، لكن سقطة الوزير الشاعر المعروفة ضيعت عليه لقب وزير ثقافة اشتراكي مخضرم، ويبقى عزاؤه أن ابن بلدته حميش هو من يسير اليوم الحقيبة العجيبة التي أممها الاتحاد الاشتراكي وأصبحت وزارة خاصة به دون غيره من الأحزاب.
إذا كان صاحب رواية "مجنون الحكم" قد عبر خلال حفل تسليم السلط بينه وبين ثريا جبران، عن التزامه بمواصلة الورشات الثقافية الجاري تنفيذها، والعمل على تحسيس جميع الفاعلين المعنيين بالشأن الثقافي بأهمية الاستثمار في هذا القطاع من اجل تقديم صورة عن المغرب، مغاربياً وعربياً ودولياً، كبلد متعدد الروافد والمكونات الثقافية، فإن الرجل الذي تمرس على ثقافة الصالونات والبريستيج، وهو من قرع أبواب لغات أجنبية أخرى إلى جانب لغة موليير التي يكتب ويؤلف بها مثل الإسبانية التي خطا فيها خطوات موفقة، والإنجليزية التي يقول إنه يقرأ بها، لاشك انه سيصطدم بطاقم من المثقفين ورثه عن ثريا جبران، معروفين في الوسط الثقافي بمثقفي الغنائم والامتيازات.
حميش الذي كان حتى وقت قريب يصنف نفسه ضمن خانة المثقف المستقل المتحرر من قيود الآيديولوجيا الصارمة، والحزبية الضيقة وما يستتبعها من مصلحية وطموحات منصبية، وحميش الملتحق بحزب الاتحاد الاشتراكي بعد انسحاب الجابري أحد كوادر ومثقفي الحزب من الواجهة الحزبية، وبعد أن خفت سحر جاذبية المعارضة وقوة المواقف والمبادئ التي كان يمثلها حزب القوات الشعبية ذات زمن، وكان يلهب بها حماس الجماهير من الطبقات الشعبية الفقيرة والكادحة من خلال النضال الجماهيري والنضال داخل البرلمان، وبعد أن تحول من حزب معارض لا يهادن السلطة إلى حزب سلطة حاكم، واستطاب النافدون في هياكله التنظيمية وأجهزته التقريرية سحر السلطة وكراسي المناصب الوثيرة وامتيازاتها.
حميش المثقف المتمرد على القوالب الأدبية الجاهزة، هل سيتمرد على السلوكيات والمسلكيات التي عششت في دوالب واقسام وزارة الثقافة، والتي يراد لها أن تدبر قطاع يقاس مدى تقدم البلدان والأمم وتطور الوعي لدى شعوبها بمدى حجم اهتمامها بالثقافة ومثقفيها العضويين الملتصقين بهموم وانشغالات وطلعات أبنائها.
صفة الإصرار والتحدي والرفض التي قيل أن حميش كان يتصف بها ، هل تفيده دون أن يبيع صوته أو يخون قناعاته في الوقوف في وجه الشلة إياها؟ وهل لحميش مقدرة إدارية على تدبير قطاع بحجم الثقافة في المغرب، الضعيف الإمكانيات، والكثير الرغبات والطموحات من طرف المنتسبين إليه؟
تساؤلات واستفسارات مشروعة، يطرحها الجسم الثقافي المغربي والمشتغلون بالإبداع الفكري والثقافي والفني بمختلف مجالاته وألوان الخلق والإبداع فيه، كتاب وفنانون ومثقفون على الوزير بنسالم حميش وهو يدخل حقل ألغام ويقترب من قطاع مفخخ بحجم قطاع الثقافة في هذا البلد السعيد.
هذا ليس بعزيز على حميش المبدع في ألوان عديدة من الكتابة الإبداعية، حيث بدأ الرجل بالشعر المتحرر من البلاغة الكلاسيكية، ليطول مكوثه في محراب الرواية التي دخلها دخول الفاتحين حينما انتزع عام 1990، وسط منافسة قوية، جائزة مجلة "الناقد" اللندنية، عن روايته الحدث في ذلك الوقت "مجنون الحكم"، والتي استوحى أحداثها وشخوصها ببناء فني رائع من تاريخ حكم الفاطميين لمصر، وهي الرواية التي أسقط فيها حميش أحداث الماضي على الحاضر، وترجمت إلى عدة لغات أجنبية، مما فتح له أبواب الشهرة في منافسات أخرى، فيكافأ مرتين على اهتمامه بابن خلدون، بجائزة عن روايته "العلامة".
ذلكم هو المثقف الوزير بن سالم حميش.. هل ستسعفه ثقافة الصالونات لفك الارتباط بمثقفي الغنائم والامتيازات؟؟ وثقافة الصالونات في هذا السياق ليس بمعناها القدحي على الإطلاق.


الخميس، 6 أغسطس 2009

الشاب سامي راي: أنا لا أغني راي السوق


سامي راي هو فنان شامل يكتب كلمات أغانيه بنفسه، ملحن وموزع موسيقي في لون أغنية الراي، بدأ الغناء وهو في سن الثامنة خلال الأنشطة والحفلات المدرسية.. طور سمي راي تجربته الغنائية الشخصية وفي إطارها طور أغنية الراي كتابة وتلحينا وتوزيعا، كما وقع على توجهه الموسيقي الخاص، بإدخال آلات موسيقية جديدة على موسيقى الراي، وخلق له مكانة داخل عالم أغنية الراي، من أشهر أعماله الغنائية ألبوم "لميكريا" الذي صدر في سنة 1996 وتبعه بألبوم "كلبي بغاك أنتيا"، و"بغيت نشوفك آلحبيبة" و توالت أعماله الغنائية في تجربة فنية تعد بالتطوير المتواصل لفن الراي.
في الدردشة التالية يتحدث الفنان الشاب سامي راي ويبوح عن أعماله الغنائية وانشغالاته الفنية وعن الوجه الآخر لميولاته واهتماماته الحياتية..

موسيقي ... وسليل عائلة موسيقية

منذ الصغر وأنا ملوع بالموسيقى نظرا لان العائلة موسيقية، كأخي الأكبر "سيمو" مغني معروف مقيم بالديار البلجيكية، كان يصحبني دائما معه إلى أستوديو التسجيل، واذهب معه إلى السهرات، وكان يساعدني كثيرا في بدايتي الفنية الأولى، وله يرجع الفضل الكبير فيما وصلت إليه الآن، ولما هاجر إلى الخارج بقيت في المغرب أواصل المشوار، كما الأخ الأصغر الذي ابتلي هو الآخر بالموسيقى هو بدوره معروف بالخارج بالشاب أمير، والحمد لله، لم يقف الأبوان في وجه تعاطينا للموسيقى بل على العكس من ذلك وجدنا فيهما السند والتشجيع شريطة أن نهتم بدراستنا، وكنت دائما معهم في هذه الفكرة، فالفنان عليه أن يكون فنانا ومثقفا وفي نفس الوقت رياضيا يمارس نوعا من الرياضة حتى يظل محافظا على لياقته البدنية وعلى رشاقته الجسمية.

غربة سامي... تبددها حميمية مراكش قبلة كل الفنانين

أحس وكأنني غريب في بلدي، لأن كل عائلتي تعيش بالخارج وأنا أعيش حياتي كأي فنان، فضلت أن أستقر بمراكش، وهي مدينة معروفة بجاذبيتها للفنانين، حياتي الفنية صعبة نوعا ما اشتغل غالبا بالليل، فحياة الفنان صعبة على العموم وتبقى غير عادية.. مؤخرا أوقفت العمل بالليل للمشاركتي في إحياء مجموعة من السهرات في مهرجانات وملتقيات وطنية كمهرجان موسيقى بالدار البيضاء ومهرجان المحمدية ومراكش، وسهرات خاصة أخرى.

سامي راي... الراي المتفرد

قد نجد في موسيقى وغناء الراي مجموعة من الألوان والأنواع، وحاولت أن يكون لي لوني الخاص بعد أن تشبعت بمختلف أنواع وأصناف الراي، استطيع القول هو "راي تورك" الذي يعتمد بالأساس موسيقى تركية مثل الكمان وآلات روحانية تشتهر بها الموسيقى التركية، اتجهت بالضبط إلى الموسيقى التركية لأنها موسيقى صعبة معقدة ومركبة، وهي التي أجد فيها ذاتي وحاولت المزج بين الموسيقى التركية والراي حتى اخلق لون موسيقي متفرد، فالراي الذي اغنيه هو الراي العالمي مثل ما يغنيه الشاب خالد والشاب مامي وفوضيل وهؤلاء هم نجوم الراي المعروفين على الصعيد العالمي للابتعاد عن موجة الراي السائدة الآن "راي السوق".. وجل مواضعي هي مواضيع اجتماعية، تتكلم عن الغربة، عن الأم، عن الفقر... وحاولت أن أوصل رسالة إلى الشباب المغربي، بحيث أن جميع الشباب اليوم يفكر في الهجرة، دون أن يكونوا على علم بخبايا الهجرة والمعاناة التي يعانيها المهاجرون في أرض الغربة بعيدين عن أهلهم وذويهم وعن بلدهم الأم. كما كتبت عن فلسطين من خلال أغنية "خويا في عسقلان" وحاولت أن اغني عن جميع المواضيع.

درجة درجة... كي يحمل الواد

من ناحية الإعلام، وكما يقول المثل "كنمشي درجة درجة"، الحمد لله مريت في مجموعة من البرامج التلفزيونية، وعبر قنوات إذاعية، وفيما يخص الصحافة المكتوبة فهي كذلك تتبع جديدي الغنائي ومسيرتي الفنية، كتبت عني مجموعة من المجلات والجرائد وطنية.. ولولى مواكبة الإعلام لسامي راي ما كان لتستضيفه مهرجانات وملتقيات فنية، كمهرجان الدار البيضاء (كازا موزيك) لأعلب على أكبر منصة ستغني فيها كرم سماحة.

أمنيته... أن يبرز الإعلام الوطني الأصوات الشابة

على ذكر الإعلام ومدى اهتمامه ومتابعته للفنانين وجديد الفن المغربي، أتمنى أن يساند ويدعم إعلامنا الفنانين الشباب لأن هناك أصوات شابة محترفة، عوض أن تعطي قنواتنا التلفزية الأهمية لفنانين من الخارج غير معروفين حتى في بلدانهم.
بالإضافة على التهميش الإعلامي هنا مشكل الإنتاج، فمجموعة من الفنانين الشباب ينتجون أعمالهم الغنائية على نفقتهم الخاصة، وحتى إن وجد شركة توزع له عمله فسيصطدم بآفة القرصنة، يعني الفنان ضائع، وهو ما وقع معي مؤخرا بخصوص ألبومي الجديد الذي لم توزعه الشركة مخافة القرصنة، على أساس أن يخرج في شهر رمضان، بمجرد أن يخرج العمل في الغد تجده بدرهمين في جوطية درب غلف .. هذا حرام فالفنان ليس له إلا صوته لكي يعيش.

كلمة أخيرة:

أقول للجمهور وللفنانين ولكل المغاربة بشكل عام أن يحاولوا ممارسة الرياضة ما أمكنهم، والابتعاد عن كل ما يضر الصحة، الاتجاه إلى مزاولة الرياضة يجعل الإنسان دائما في صحة جيدة وبنفسية مرتفعة، وأشكر القائمين على برنامج "الوجه الرياضي" الذي يتيح الفرصة للفنانين للتعبير عن ميولاتهم واهتماماتهم الأخرى.