الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

رائد الأغنية المغربية فتح الله المغاري: لم يسبق لنا لا أنا ولا الأستاذ عبد الله عصامي أن أخذنا عن أغنية "نداء الحسن" ولو كلمة شكر..



هو أحد أبرز كتاب الكلمات الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الأغنية المغربية،
كتب كلمات دخلت سجل ريبرتوار الأغاني المغربية الذهبية والخالدة، تجربته في الغناء، كانت بأغنية "كاس البلار" لتتوالى بعدها أعمال فنية رائعة لاقت رواجا ونجاحا داخل المغرب وخارجه "كرجال الله"، "الله على راحة"، "فينك أ لحبيب"، "والله مانتا معانا"، "ضاعت لي نوارة"...
عرفه 30 مليون مغربي بأغنية "نداء الحسن" التي كتب كلماتها بعد إعلان الملك الراحل الحسن الثاني انطلاق المسيرة الخضراء، والتي لحنها الأستاذ عبد الله عصامي، كما كان هذا الهرم وراء اكتشاف عدد من الأصوات المغربية المعروفة في الساحة الفنية المغربية بكلماته وألحانه، نذكر منها أغنيات "جرح قديم" و"الصنارة" لعبد الهادي بلخياط، "الدار لي هناك" لعبد الوهاب الدكالي، "خليك يا قلبي هاني" لإسماعيل أحمد، "موحال ينساك البال" لمحمود الإدريسي، "هادا حالي" و"على غفلة" لنعيمة سميح"، "فايتلي شفتك" لسميرة بنسعيد، "أنا فعارك يا يما"، "عشرة لحباب" و"مغيارة" للطيفة رأفت... واللائحة تطول..
مسيرة فنية تمتد لأكثر من أربعة عقود من العطاء والجهد، خدم الأغنية المغربية منذ الاستقلال إلى الآن، وفي خدمته للأغنية خدم بلده فنيا ولم ينتظر منه مقابلا طيلة زمنه الفني المنذور لروائعه المغربية الخالدة ، أو كان يجري كما يفعل بعض مطربي أغاني "المعلبات" اليوم، التي سرعان ما تنتهي مدة صلاحيتها،
أرسى أسس الطرب المغربي الجميل والغناء الراقي إلى جانب العديد من الرواد الأوائل، منهم من رحل إلى دار البقاء ومنهم من لازال على قيد الحياة يحمل في نفسه غصة عن ما آلت إليه حال وأحوال مشهدنا الغنائي في بلد اسمه المغرب، تهاجر طاقاته الفنية وتخطب ود الشرق عل وعسى أن تعود ذات يوم ليعترف بها أبناء جلدتها.
هو من كتب ولحن وغنى:
إلى غاب كاس البلار
يبقى قلبي محتار
خايف عليه
يدور من دار لدار
هو المطرب والكاتب والملحن، رائد الأغنية المغربية الرائع فتح الله المغاري، الطيب الودود مع من يفهم آرائه وتصوراته بخصوص أرقه "الأغنية المغربية"، وهو كذلك الفنان المبدئي المكافح، العصي عن الترويض، رجل الموقف والمبدأ الذي لا يلين، الصريح في قول الحقيقة كل الحقيقة ولا شيئ غير الحقيقة ولا يخشى في ذلك لومة لائم.
عن انشغالاته بحال وأحوال الأغنية المغربية، عن همومه الفنية وعن ما بداخله يتحدث الفنان الكبير فتح الله المغاري ابن مدينة الرباط، ويبوح بخبايا الدهاليز المعتمة حيث الأغنية التي يراد لنا أن نصنعها وأن نسمعها.. لكنه يظل عزائه في كل ما حدث ويحدث للأغنية المغربية هو الطاقات الصوتية الشابة والمواهب التي يكتشفها كل سنة برنامج "أستوديو دوزيم" على شاشة القناة الثانية..
تابعوا معنا التفاصيل في نص الحوار التالي:

س: رأيك في مبادرة القناة الثانية.. برنامج "أستوديو دوزيم" وفي اكتشافاته للمواهب الغنائية الشابة ؟
ج: هذه ليست أول بادرة تتبناها القناة الثانية لاكتشاف الطاقات والمواهب الشابة المغربية في مجال الغناء والموسيقى، بادرة أطلاقتها قناة "دوزيم" هذه ستة سنوات، الآن الدورة السادسة من المسابقة الفنية والغنائية "أستوديو دوزيم"، وحقيقة هي بادرة طيبة وهي جرأة من القناة الثانية لم تكن حتى عهد قريب لدى الدولة أو لدى أي مؤسسة مغربية حكومية كانت أو مستقلة، فكرت ووعت بأنه يوجد داخل قلب بلدها تراث غنائي ومواهب وطاقات شابة لها قدرات وإمكانيات صوتية هائلة، وان هناك ناس بإمكانهم رفع وجه المغرب في القمة.

س: (أقاطعه) حتى في الدورات السابقة كانت هناك أصوات جيدة لكن ما هي النتيجة؟
ج: لا احد سبق وفكر في هذه الأصوات، فهي بادرة من قناة "دوزيم" تحمد وتشكر كثيرا عليها، لأنها اتخذت بشجاعة اكتشاف وإبراز هذه المواهب والطاقات الشابة، والغريب في الأمر أن الجهات المسؤولة لم تعي في السابق أن اكتشاف هذه المواهب فيه رد الاعتبار لذخيرة من الأصوات المغربية التي لم نكن نعرف عنها أي شيء بل لم نكن نعرف أنها موجودة أصلا.
أعتبر الآن أن كل بيت فيه مغنيات جميلات صوتا وصورة، وأنا استمع لأصوات يقال عنها أنها أصوات هواة فعلى العكس من ذلك أنا أعتبرهم محترفين، لان في بدايتهم هي تقريبا نهاية لبعض فنانينا الموجودين في الساحة.

س: الأستاذ فتح الله المغاري أنتم من جيل الرواد أعطيتم الشيء الكثير للأغنية المغربية تأليفا وتلحينا وغناء.. هل هناك أمل في هذه الطاقات الشابة للنهوض بالأغنية المغربية التي تجتاز مرحلة صعبة وانتم كفنان معروفون بصراحتكم؟
ج: الأمل دائما موجود، ولكن الأمل لا ينبغي أن يكون معلقا عليهم هم لوحدهم، فهذه الطاقات الصوتية الشابة التي في بداية الطريق هم في حاجة لمن سيأخذ بيدهم ويشجعهم حتى يصبحون هم أمل الأغنية المغربية والعربية.
الأمل هم هؤلاء الشباب الذين أوجدتهم القناة الثانية وعبدت لهم الطريق ووجدوا جميع وسائل التشجيع والدعم في متناولهم، والتي لم نجدها نحن في بدايتنا الأولى، حتى يظهروا قدراتهم الفنية ويبرزوا إمكاناتهم الصوتية، وهم في بداية مشوارهم الفني بصورة رائعة للجمهور وللمهتمين كأنهم محترفين.
المشكل ليس في اكتشاف المواهب وإبرازها، فقناة "دوزيم" من خلال برنامج "أستوديو دوزيم" بدلت مجهودا وقامت بدورها وأبرزتهم على الساحة الفنية..

س: أين هو المشكل؟
ج: هل قناة "دوزيم" ستظل معهم وتتبعهم إلى الأبد؟ نعم لمتابعة ومواكبة هذه الطاقات الشابة في مشوارهم الفني، على الدولة أولا أنها هي التي من المفروض أن تحتضن أبنائها وشبابه الموهوب في جميع المجالات ما دمنا نتحدث في مجال الغناء، ولا نقول الشركات أو ما يسمى بالقطاع الخاص، لأننا في المغرب الشركات ليست لها روح دعم الفن والاهتمام برجالاته وبالفنان بشكل عام، الكل يفكر فقط في الجانب المادي وفي الربح من الخسارة، ولا يفكرون في إبراز الطاقات والأصوات الفنية لتعزيز صورة بلدنا الفنية بالخارج.
على مؤسسات الدولة أن تأخذ بيد هذه المواهب والأصوات جميلة، يلزمه سوى الكلمات والألحان، وأنا اقترح على الجهات المسؤولة أن تنشئ معهدا خاصا بخريجي "أستوديو دوزيم" أو الطاقات التي يتم اكتشافها في غيره من البرامج والمسابقات الفنية، كما يفعلون في كثير من البرامج الرياضية المعروفة مثلا.
فهذه أصوات ذهبية لو تم العناية بها ستكون ذخيرة تغني التراث المغربي الفني والموسيقي، وعلى سبيل المثال اليوم الفنانون في مصر يساهمون في اقتصاد بلدهم بنسبة مهمة من عائدات إنتاجاتهم وأعمالهم الفنية.

س: (أقاطعه): كيف أستاذ للفن أن يساهم في الاقتصاد والحالة أن شركات الإنتاج الموجودة حاليا لا تغامر بالإنتاج لهذه الطاقات الصاعدة؟
ج: يجب متابعة هذه الطاقات الفنية أولا، وثانيا العمل على خلق آلية للإنتاج تنتج لهم أغانيهم وتروجها ليس فقط على المستوى الوطني، ولكن أيضا ترويجها بالخارج، لماذا تغزونا الانتاجات الشرقية والغربية وإنتاجنا لا يقبل به أحد؟
يعني "أحنا غير فاتحين الأبواب ديالنا اللي بغا يجي يفرض علينا لونه يجي، واحنا زعما مساكن المغاربة اللي مشى ما كي يعرفو تا حد".
لماذا أستمع أنا لصوت في الشرق وهو يرفض أن يسمعني بدعوى لهجتي المغربية، يجب أن نفرض إنتاجنا الغنائي على الآخر في إطار التبادل الثقافي وفي إطار تبادل الفن بالفن، "أعطيني نعطيك"، إذا لم تقدم لي فني لا أقدمك وإذا لم تعترف بي لا أعترف بك، للأسف نحن (نؤله) الشرقيين وهم لا يعترفون بنا، بعدو أنهم لا يفهمون الدارجة المغربية في حين ملزوم علينا نحن أن نفهم لهجتهم وان نتكلم بها حتى ونحن داخل حدود وطننا.. هذا خطر يتهدد تراثنا الفني وثقافتنا وهويتنا وأصالتنا.
وبخلاصة أقول انه في موضوع "حرقة الأغنية المغربية" إذا لم نقم بدراسة علمية وشاملة لنرفع من قيمة ومستوى الفن في المغرب، وإذا لم نشمر على سواعدنا مسؤولين ورواد وجيل جديد للاهتمام بهذه الطاقات والأصوات الشابة التي تقدر بالمئات تقريبا أكثر من ألف أو ألفي موهبة في المغرب التي مرت من برامج فنية كبرنامج الذي كان يقدمه عاتيق بنشيكر و"أستوديو دوزيم" وغيره من البرامج والمسابقات الغنائية. أين هم الآن؟ قد نجد موهبة أو اثنتين في مصر، ومن يريد أن يصبح فنانا في المغرب عليه أن يهاجر إلى مصر ثم يعود إلى بلده ليعترف به كفنان.

س: كذلك يبقى دور رواد الأغنية المغربية في هذه العملية من أمثالكم الفنان فتح الله المغاري .. أنتم المطرب وكاتب الكلمات وبالخصوص من جانبكم كملحن لو أقترح عليك أن تلحن لبعض الطاقات من خريجي "أستوديو دوزيم" وبدون مقابل من اجل الفن ولخدمة الفن المغربي؟
ج: أقبل بكل فرح وبدون تردد، أنا سبق وقلتها لمدير عام القناة الثانية : إذا احتجتم لخدماتنا فنحن موجودين، نحن أبرزنا فنانين بدون أن يمروا في أي برنامج تلفزيوني للمواهب، لطيفة رأفت لم يكن يعرفها احد في بدايتها الأولى لحنت لها أغنية "أنا في عارك يا إيما"، بفضل هذه الأغنية عرفها الجمهور والوسط الفني.

س: لو طلبت منك كلمة توجهها إلى المسؤولين عن الشأن الثقافي والفني في بلادنا والمهتمين والمشتغلين بمجال الأغنية.. ماذا تقول لهم؟
ج: أن يعتزوا بالأغنية المغربية الحقيقية من الاستقلال إلى الآن، الأغنية التي يبدل فيها مجهود من ناحية الكلام النقي الخالي من الخلاعة والخالي من كل ما يخدش حيائنا، ومن ناحية الألحان الجميلة وليس أي تلحين جميل، فاللحن والكلام هما عماد نجاح أو فشل أية أغنية، والذي أطلبه من هؤلاء المسؤولين هو التقليل من الأشياء التي لا تفيد "فيها غير الرقص والجذيب والشطيح"، ويعطوا الأهمية للمواضيع الاجتماعية ويدققوا في الألحان، ليس كل من يلحن يعمل نفس النمط من التلحين، "هناك ناس تظهر في التلفزيون .. اللي كي يديرها هذا كي ديرها الآخر". نحن لا، عبد الوهاب الدكالي له لونه الخاص به، لعبد الهادي بلخياط لونه الذي يميزه، محمود الإدريسي له لحنه، ولكل مطرب فنان لون ونوع من الألحان، لسنا مجموعات أو فرق غنائية تغني في الأعراس، علينا أن نعطي للشباب الألحان الجميلة والكلام النقي، وعلى المسؤولين أن يجنبوا أولادنا إسماعهم أي شيء، لأننا لا قدر الله بما يروج الآن من ألوان وأشكال ذاهبون إلى الهاوية.

س: سمعنا وقرأنا من خلال ما كتبته الصحافة الوطنية عن سياسة وزارة الثقافة لدعم الأغنية المغربية.. هل أنتم متفائلون بهذه الخطوة وهل هي في صالح الأغنية المغربية؟
ج: أنا متفائل بهذه العملية وإن كانت قد جاءت متأخرة شيئا ما، لان الفنانين الذين كانوا يستحقون الدعم أكثر، منهم من رحل إلى دار البقاء ومنهم من يعاني من المرض وتجاوزه السن للعمل والاشتغال، وهذه فئة واسعة قد لا تستفيد من هذا الدعم، المنتج الحقيقي قليل جدا اليوم، مثلا محمد بن عبد السلام كم يبلغ من العمر الآن؟ لم تعد له القدرة على التلحين، يا أخي كما أسلفت وقلت الدعم جاء متأخرا زيادة على ذلك أن هذا الدعم يلزمه قوانين تقنن الاستفادة منه وتنصف الرواد الذين خلقوا الأغنية المغربية، ومع ذلك يريدون منهم أن يجتازوا مباراة مثلهم مثل الفنانين المبتدئين.
إذا كانوا فعلا يريدون لهذا الدعم أن ينجح عليهم أن يستدعوا الفنانين المعروفين على الساحة، الفنانين الذين فيهم الثقة وألا يطلبوا منهم المرور عبر المباراة. . "عيب" أنك تقول لفنان خدم الأغنية المغربية وخدم بلده وأفنى عمره في المجال، عليك أن تجتاز المباراة مع المبتدئين، هو فنان مسؤول عن نفسه وعن فنه ومسؤول عن جمهوره وجمهوره مسؤول عنه، هل لا تخجل عندما تطلب من الطيب العلج أن يقدم كلماته أمام اللجنة؟
نحن خدمنا بلدنا فنيا ومستعدون لمساعدة من يريد أن يخدم فعلا هذا البلد، ولما احتاجتنا بلدنا في المسيرة الخضراء لبينا دعوة الوطن، كان هذا العبد الضغيف هو السباق إلى كتابة كلمات الأغنية الشهيرة " نداء الحسن"، وأنا افتخر بان 30 مليون مغربي تتغنى "بصوت الحسن ينادي" التي هي من كلماتي تواضعا وتلحين عبد الله عصامي، وإن كان لم يهتم بنا أحد، أو كرمنا أو أي شيء من هذا القبيل..هذه الأغنية لم يسبق لنا لا أنا ولا الأستاذ عبد الله عصامي أن أخذنا عنها ولو كلمة شكر.
نحن خدمنا الأغنية المغربية يتركوا لنا الإشراف على الأغاني التي ستقدم للجنة ومسؤولية التعامل مع المطربين، "فأهل مكة أدرى بشعابها" كما يقال، وآنذاك سنقدم الكلمات والألحان لمن يستحقها ولن نبخل بهذا، لأنه تخصصنا وهو مجال عملنا لعقود من الزمن.. الفن موجود ولا زلنا قادرين على العطاء لكننا توقفنا لان الدولة لا تهتم بنا.

كلمة أخيرة:
اشكر القناة الثانية وبالخصوص في هذه الدورة السادسة من برنامج "أستوديو دوزيم" لأنها عممت الأغنية المغربية وأعطتها حقها وقيمتها، وأعطت للفنانين المغاربة قيمتهم ومكانتهم التي تليق بمسارهم الفني، الفنانين الذين خدموا الفن والأغنية المغربية وخدموا بلدهم بنكران الذات وملئوا الخزانة الوطنية، استضفتهم "دوزيم" في بريمات البرنامج، وأنا اعتز بهذه الالتفاتة الجميلة التي تحمل أكثر من دلالة ومغزى. وأهنئ القناة على المجهود الذي تقوم به ومتعة الفرجة العمومية التي تسعد المشاهد/ المستمع وتسعد الفنان المغربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق