الخميس، 9 يوليو 2009

نضال المبادئ والمواقف أم نضال المناصب والامتيازات؟



على هامش الانتخابات الجماعية التي عرفها المغرب..

لم نكن نتوقع انه ستتغير الأدوار وتتبدل المواقع، نحن الذين كنا طلبة في الجامعة، واقتحمنا النقاشات الصاخبة للحلقيات في ساحات وفضاءات الحرم الجامعي وانخرطنا بعنفوان الشباب والايمان بالنضال والتغيير، في معركة الصراعات المذهبية والمبدئية بين الفصائل الطلابية..
أين هم أولائك الذين كانوا ينصبون أنفسهم أوصياء على النضال والتوجهات المذهبية والإيديولوجية التي أطرتنا ذات زمن آخر؟ أين هم الآن أولائك الرفاق والإخوان معا، الذين كانوا حتى الأمس القريب يقولون لنا أن هذا التيار أصولي وذاك تصحيحي، وهذا مصلحي براغماتي، وذاك تحريفي، وهذا قاعدي، وذاك ديمقراطي يتبنى استراتيجة النضال الديمقراطي، ويهدف إلى التغيير من داخل المؤسسات القائمة على علاتها وحتى إن كانت مزورة، وهذا تيار اليسار الجديد وذاك يسار جذري، لن أن أتكلم عن التيارات الأصولية لأننا بكل بساطة كنا دائما في صراع واصطدام متواصل معهم.
واليوم، أحيانا الله، حتى رأينا بأم أعيننا، كيف باع بعضهم سنوات النضال تلك وقبض ثمن برودة الزنازن ووحشة الاعتقال السياسي نقدا أو بالكراسي والمناصب في المؤسسات السامية للدولة، أو بالاستوزار في حكومات تقنوقراطية أو حكومات التناوب التوافقي التي كانت، أو بمقعد في البرلمان أو بوظيفة في ديوان وزير ينتمي لحزب كان تقدميا أو إداريا سيان، عكس ما علمونه إيانا ذات زمن أنه علينا التفريق بين الأحزاب الإدارية أحزاب الكوكوت مينوت والأحزاب الديمقراطية التقدمية، فأحيانا الله حتى رأينا بأم أعيننا تحالفات ما أتى الله بها من سلطان، أو ملحقا بمكتب إحدى الفرق البرلمانية، أو بحثوا له عن كرسي أستاذ جامعي بإحدى الجامعات بالتدخل الذي... ياه كم هو سهل أن يتجرد إخوان ورفاق لنا علمونا أبجديات ومبادئ النضال ونحن طلبة جامعيين، آتين من مناطق ومدن الهامش ومن تلك القلاع التي كانوا يسمونها هم بالقلاع الصامدة !! نحن الذين كنا نبيع جرائدهم "بيع نضالي" لا داعي لذكر عناوينها فما أكثرها وما أكثر ما كتبناه فيها من أعمدة رأي ومقالات وتقارير نارية تشبه معتقدات ومواقف رؤساء تحريرها وصحافييها المناضلين، نحن الذين كان يسكن دواخلنا أمل التغيير كنا نوزع مناشيرهم وبياناتهم وبلاغاتهم، ونقيم الدنيا ولا نقعدها في مواجهة فصائل طلابية تختلف معنا في الرؤية السياسية للمرحلة وفي الطرح الإيديولوجي الذي يؤطر المناضلين الحقيقيين.
الذي يذكرنا اليوم، وبمرارة بالأمس النضالي الجميل، بصخب الحرم الجامعي وبمتعة المواجهة والجدال السياسي، لما كان الامل ساكنا في وجداننا وقوة الايمان بالتغيير مشتعلا في قلوبنا، في حلقيات الجامعة وفي إطار المنظمة الطلابية العتيدة، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان، هو نضال البريستيج اليوم، نضال "المودا" السياسية الموجة الجديدة، ونضال العائلة التي تهيمن على كل هياكل وأجهزة الحزب، وكأنه ضيعة خاصة بها لا يخرج عن ملكيتها، النضال الذي يؤدي إلى الثراء وإلى الوزارة ودواوينها والمؤدي إلى الوظائف السامية وما يتحصل منها، الفيلا الخيالية، والسيارات "الفاخرة" الرباعية الدفع، والسائق الخاص والأرصدة البنكية والمشاريع والاستثمارات، ومن بعد الطوفان .. ولما لا؟ ومعظمهم كان لا يجد حتى سيجارة يدخنها أو شفرة حلاقة يحلق بها دقنه، عندما كان مناضلا عضويا وملتصقا بهموم الشعب والجماهير وتطلعات الفقراء والكادحين، أيام نضال المبادئ ونضال المواقف والقناعات التي لا تتبدل أوتتغير بتبدل المواقع أو تحت تأثير جاذبية وسحر الكراسي البرلمانية والمناصب السامية، كما هو شأن نضال "البريستيج" في زمننا الرديء هذا.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق