الأربعاء، 8 يوليو 2009

مستوى جودة الدراما المغربية ... أية مقاربة؟




أين يكمن الخلل ومن يتحمل المسؤولية ؟؟

الدراما في التلفزة المغربية ملف ذو شجون يطرح الكثير من التساؤلات، وهذه التساؤلات نلمسها كثيرا عند عرض أي مسلسل مغربي على الشاشة، سواء في القناة الأولى أو الثانية، غالبا ما تسعى قنواتنا التلفزية إلى جعل الإنتاج الوطني في صلب اهتمام شبكات برامجها وتجعل بالتالي المتتبع خصوصا الجمهور المغربي المتعطش لجديد الدراما متابعا للإنتاج المحلي بشكل كبير، و بالرغم ما تعكسه أرقام مشاهدة التلفزة المغربية من إقبال على مشاهدة المنتوج الدرامي الوطني، فإن موضوع الدراما المغربية في التلفزيون العمومي ونحن على مقربة من شهر رمضان الذي هو شهر الدراما بامتياز، يطرح العديد من الأسئلة والقضايا المرتبطة بمستوى الجودة بالمقارنة بما تعرضه القنوات الفضائية العربية خلال نفس الشهر الفضيل.
إذا كان للدراما المغربية حضور كبير في البرمجة التلفزيونية بشكل عام، فهي تشغل اليوم بال الجميع، سواء مبدعين أو تقنيين أو فاعلين في حقل الدراما التلفزيونية بالمغرب، بل أكثر من هذا أن ملف الدراما المغربية هو جزء من انشغالات الرأي العام الوطني ككل، باعتبار أن التلفزة هي من بين الوسائل التي تدخل كل البيوت وبالتالي جميع المشاهدين معنيين بما تبثه تلفزتنا..
لمناقشة الإنتاج الدرامي الوطني في رمضان، هذا الإنتاج الذي كتب عنه الكثير وقيل عنه الكثير، هناك من يؤيد وهناك من يعارض، هناك من يعيد المسؤولية إلى المبدع هناك من يرجع المسؤولية إلى التقني، وهناك من يلصقها بالإمكانيات المادية والتقنية، العديد من الطروحات والتصورات والآراء تطرح في هذا المجال.
هل ما نشاهده، لسنا راضين في الغالب الاعم على معظم ما يقدم منه على شاشة تلفزتنا، على الرغم من بعض الإنفلاتات والإشراقات التي نصادفها من حين لآخر؟؟
هل لهذه الكتابة الرمضانية خصوصيات؟ هل هي إبداعات عادية وتتم في شروط الكتابة اليومية للمبدع؟ أم هي كتابة تتم تحت الطلب؟ هل تستجيب لرغبات المشاهد؟ هل تتوفر على مواصفات الكتابة الدرامية بالفعل؟ هل يمكن أن نعتمد منهج تقليد سيتكومات عالمية أو ما تبثه الفضائيات العربية لإرضاء مشاهدنا المغربي؟ هذه بعض الأسئلة والإشكالات التي تحيط بهذا الموضوع.
الإبداع الرمضاني قيل فيه الكثير وأسيل مداد يجف ليظهر من جديد على صفحات ملاحق الصحف و الجرائد والمجلات الفنية المتخصصة، إلى أن جفت الأقلام..
مجلة كنال أوجوردي الفنية والتلفزيونية المتخصصة، استقت رأي المتخصصين في كتابة وإنتاج وبث الأعمال الدرامية المحلية، في تصريحات خاصة ، نقلها ميكروفون كنال لقرائه وللمهتمين والفاعلين في مجال إنتاج الدراما المغربية..

عبد الإلاه حمدوشي/ سيناريست

الدراما تتحقق على الورق قبل الصورة

بالنسبة للدراما المغربية هناك اليوم تغيير كبير، لماذا؟ لأنه أولا تم رصد مستوى مادي ضخم على مستوى الإنتاج، إمكانيات مادية هائلة، ثانيا هناك رغبة كبيرة ومتلقي جمهور واسع، لكن مع ذلك يمكن أن نقول أن الدراما المغربية الآن هي في بدايتها، يلزمنا فقط أن نبحث كيف يمكن تطوير هذه الدراما، وكيف نلبي أفق انتظار المتلقي، كيف نمنح المتفرج فرجة ممتعة ومفيدة، يكون لها تأثير في سلوكاته وفي ذوقه، وتجعله بالتالي متشبثا أكثر بالإنتاج الدرامي المغربي.
ممكن جدا أن نكون في مستوى الدراما العربية الناجحة الآن سواء السورية أو المصرية، الأساسي والذي يجب أن نبحث عنه هو الكفاءات التي تبدأ أولا على مستوى التأليف وكتابة السيناريو، لأنه بدون سيناريو بدون مؤلفين حقيقيين بدون تصور ثقافي شامل لايمكن مطلقا أن نتحدث عن دراما مغربية، إذن يجب أن نركز كل المجهودات في هذا الميدان ، وهو ليس مكلفا ماليا فقط يجب أن ننفتح على العديد من الطاقات والكفاءات التي تمتلك تصورا ثقافيا بعيد المدى وهي المؤهلة لرسم الخطوط التي يمكن أسير عليها إنتاجنا الوطني.
مسؤولية الجودة هي مشتركة، ويبقى الذي يحرك العملية هو التلفزيون، التلفزيون عليه أن يدفع في اتجاه الاهتمام بالكتابة الدرامية، بالسيناريو، وان يعتمد على ناس لهم تجربة في الميدان، لأنه بدون كتابة لا يمكن أن نتحدث عن الدراما، الدراما تتحقق أساسا على الورق قبل أن تكون في الصورة، أي نص جيد مقنع متوازن يراعي البعد الثقافي والسلوكي والذوقي والبعد الفني، وكل الأبعاد لا يمكن مطلقا أن نتحدث عن تقدم في الدراما المغربي.

شكيب بن عمر/ مخرج تلفزيوني

على الدراما أن تكون مؤسسة إنتاجية مستقلة قائمة الذات

قبل أن نتحدث عن الخلل، نتحدث عن الدراما في المغرب، كشكل وتعبير خاص، الدراما المغربية مرت من مراحل، رمت من مرحلة التمثيلية، الشريط التلفزي، إلى مرحلة السلسلة والمسلسلات، على المرحلة الحالية، ما يسمى بالانتقاء المأخوذ من الخارج الذي هو منتوج أوربي، "السيتكوم" والذي يطرح في اعتقادي، جوابا عن سؤالكم، مشكل الجودة ومسألة المستوى الفني...
السيتكوم بصفة عامة هو تعبير فني درامي، لا يتماشي مع مجتمع مثل المجتمع المغربي، مبني على الثقافة الشفهية (مبني على الشفوي)، في حين جنس "السيتكوم" مبني على الموقف وعلى الحركية ومبني على قيم ومقومات الحياة الاجتماعية الأوربية التي تكون فيها الكثير من الضغوطات الاجتماعية يومية، ويصبح السيتكوم كترويح أو كنقد ذاتي، يعني " الإنسان إلى فتح باب الاسانسور وتسدات عليه الباب كتضحك"، وفي مجتمع كمجتمعنا المغربي، ثقافته الأدبية هي ثقافة شفهية بالأساس، والمبنية على الكلمة، يحتاج إلى "السكيتش" إلى السلسلة الضحكة...
لكن السيتكوم الذي يقدم في التلفزة المغربية للقناتين، الذي يحكم عليه هذا الحكم هو نسبة المشاهدة التي تكون مرتفعة في شهر رمضان، يعني لو بث وسط السنة، أولا كان يمكن أن تكون العملية صحية، بحيث يتمرس الإنسان والفنان والمنتجين والمخرج... وستصبح لديهم ميكنزمات تقديم عمل متسلسل، يأخذ بث يومي، والإشكالية المطروحة اليوم، هي أننا نتذكر الدراما لما يتحلق الناس حول مائدة الإفطار في رمضان، لذلك نريد دائما أن تكون الدراما مبنية على الكوميك، وهذا الافتعال هو الخطير.
وإشكالية الهزلي أو الكوميك هي أنني لا أكتب من منطلق أن أضحك الناس، إنما اكتب الهزلي بالموقف، فهو جدي ولكن طريقة بثه وطريقة انجازه هي التي تجعل المشاهد يتفاعل معه، هو أولا مشكل صناعة ، لان هذا المنتوج (السيتكوم) لايمكنه أن يكون مبنيا فقط على خيال كاتب أو اشتغال مخرج في فضاء معين، يجب أن يكون مبنيا على معرفة ما تحمله الحلقة الأولى وحلقة النهاية ما الذي تحمله، وليس دائما يرهن بالكتابة لممثل متقدم، ممتاز له جمهوره، وبوجوده لوحده سنكتب، يلزمنا أن نكتب أولا الموقف / القصة، ويعد ذلك تأتي الكتابة على الشخوص، وكأننا في وضع شبيه بالذي سقط فيه المسلسل المصري في فترة من الفترات، كانت مرحلة تصاعدية ومن بعد أصبحوا يفصلون المسلسل على مقاص الممثل النجم، لأنهم يبيعون إنتاجهم الدرامي، بينما نحن لا نبيع، ننتج ونستهلك .
ولنصل إلى مستوى تسويق منتوجنا الدرامي المحلي، لا بد من أن نعطي للدراما ما تستحقه كمؤسسة إنتاجية مستقلة قائمة الذات لا تشتغل مع أنماط أخرى للإنتاج.

مصطفى المسناوي/ سيناريست

ممكن أن تكون الدراما موزعة على طيلة السنة

ربما عندنا في المغرب عادة سيئة، ليس فقط في التلفزيون وإنما في مختلف مناحي حياتنا، هي أننا نترك دائما كل الأشياء حتى آخر لحظة، مثلا بعد كل رمضان يقال على أنه يلزمنا من الآن التحضير الدراما التلفزيونية لرمضان المقبل، وهذا ما لا يقع، بحيث تمر شهورا وحتى يقترب رمضان على بعد شهر أو شهرين، "عاد كنبداو نجريو وبالتالي كي كون الزحام"..
هذا جانب، ثانيا ما يثير التساؤل هو لماذا في رمضان فقط، ممكن أن تكون الدراما موزعة على طيلة السنة، لما لا؟ ويكون للمشاهد المغربي موعد مع عمل درامي كل يوم، إما مسلسل أو سلسلة أو فيلم تلفزيوني، ويمكن أن نضرب موعدا للمشاهد المغربي طيلة الأسبوع مع إنتاج درامي وطني بصفة عامة، وحتى نمكن المشاهد من الرجوع إلى مشاهدة تلفزيونه علينا أن نقدم له متوجه الوطني الذي يعكس صورته ويعبر عن واقعه ويجيب عن تساؤلاته الخاصة.

المصريون عكس المغاربة يقدمون
بعد الإفطار مباشرة مسلسلات كارتونية للأطفال

في رمضان يكون الكثير من الناس "مقطوعين من الكارو، فكي يكونو مقلقين، وصعيب تضحكهم، فأي عمل قدمته لهم لا يعجبهم، فيجب أن تقدم له مسلسل بعد أن يكون قد أفطر ودخن سيجارتين أو ثلاثة، ويكون قد ارتاح آنذاك يمكنه أن يضحك، لكن وأنت تقدم له عملا كوميديا مباشرة بعد الإفطار، فهذه العملية لا يمكنها إلى أن تقلقه، ولو أنك تقدم له أحسن كوميدي في العالم لن يعجبه."
في فترة ذروة المشاهدة التلفزيونية عندنا يقدم المصريون عكس المغاربة بعد الإفطار مباشرة مسلسلات كارتونية للأطفال "ميكيات"، وهو اختيار جميل جدا، ويقولون عن هذا الاختيار حتى يتلهى الأطفال ويتركون أبائهم يفطرون في راحة دون ضجيج، وسيكون جيدا لو أننا نأخذ بهذا الاختيار في رمضان القادم.

عبد الإله الجوهري/ مخرج برنامج "سينما الأولى"

أصبحت الدراما المغربية تشرف بكل ما للكلمة من معنى

كانت دائما الدعوة من المنابر الوطنية سواء منها الصحافة المكتوبة، أو السمعية البصرية في برامج إذاعية وتلفزيونية إلى فتح نقاش النقاش الأساسي حول المشهد التلفزي بشكل عام والدرامي بشكل خاص، لماذا؟ لان الحقل الدرامي هو مفصل أساسي في كل البرامج التي تمر على القنوات التلفزية الوطنية، هذا من ناحية، ثانيا أن الدراما المغربية تعرف انتفاضة وانطلاقة قوية أصبحت تشرف بكل ما للكلمة من معنى، إذن كانت هناك دائما دعوة لفتح نقاش مرارا وتكرارا بين الفاعلين وما بين المبدعين وما بين وسائل الإعلام حول مستوى جودة الدراما المغربية.
الآن جاءت هذه المحطة المهمة التي اعتبرها شخصيا انطلاقة فعلية تحمد ويحيا عليها من يقف ورائها، لماذا رمضان؟ لان شهر رمضان هو محطة تسلط فيها الأضواء على الانتاجات الوطنية ويسيل فيها الكثير من مداد الأقلام، ويقال عنه الشيئ الكثير، ودائما يقال لماذا لا يفتح نقاش حول الدراما المغربية، واليوم ها نحن ندشن لهذا النقاش ونتبادل الرؤى ونتمنى أن تخرج نتائج وخلاصات يمكن أن تساهم في تطوير الدراما الرمضانية.

مصطفى بن بالي/ رئيس مصلحة إنتاج المسرح والموسيقى بالإذاعة الوطنية

هناك نقص في دراما الأطفال والدراما التاريخية

لا يختلف اثنان في كون الدراما التلفزيونية، عرفت خلال السنوات العشرة الأخيرة قفزة نوعية، من حيث الكم وإن كان هناك بعض القصور فيما يخص نوعية الانتاجات، فيما يتعلق بالمواضيع، سواء كانت أشرطة أو مسلسلات، فهي دائما تتطرق إلى مواضيع غالبا ما تكون اجتماعية تتعلق أساسا بالمجتمع المغربي بكل فئاته وطبقاته، والدراما التلفزيونية على تنوع المواضيع التي تناولها، هناك نقص في دراما الأطفال، والدراما التاريخية، وما أحوجنا إلى الأعمال التلفزيونية التاريخية، أو ربما حتى دراما الفانطازيا.













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق