الأربعاء، 8 يوليو 2009

مباشرة معكم... جوطية ديال السياسة



لم يكن المحلل المومني خاطئا خلال تدخلات الضيوف بخلاصاتهم في ختام حلقة " أي قراءة لنتائج اقتراع 12 يونيو؟ " من برنامج "مباشرة معكم" على شاشة قناة دوزيم، عندما تمنى في كلمته الأخيرة أن يتسع سوق السياسة في المغرب، و"اللسان ما فيه عظم" كما يقال، وأمنية المومني المحلل السياسي بالمفهوم الاقتصادي لم تكن زلة لسان، وإنما كانت بالفعل توصيفا دقيقا ونعثا حقيقيا وموضوعيا لحال السياسة والسياسيين عندنا.
وما كشفت عنه بالملموس وعرته بالواضح الانتخابات الجماعية الأخيرة، لدليل واضح على عمليات البيع والشراء كحالة انتخابية مغربية بامتياز في مسلسل متواصل لحمى انتخابية لم تستثني الناخبين الصغار ولا الناخبين الكبار، فيما بعد في عمليات بورصة المساومة والشراء لتشكيل المجالس الجماعية.
إلى أي حد كان الزميل جامع كلحسن مهنيا باستضافته في هذه الحلقة بالذات من البرنامج الحواري المباشر "مباشرة معكم" وهو يطرح موضوع تداعيات الانتخابات الجماعية الأخيرة وردود فعل المشاركين فيها للنقاش، لحسن طارق عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي والمحلل السياسي البارز الساقط في دائرة يعقوب المنصور وجمعه في بلاتو واحد بممثل حزب "البام" سامر أبو القاسم؟ بالإضافة إلى مشاركة سعد الدين العثماني عن العدالة والتنمية ومحمد شيبة ماء العينين عن حزب الاستقلال.
من البديهي أن من يكون خارجا على التو خاسرا من الانتخابات، يكون متأثرا بالنتيجة وأعصابه متوثرة بفعل الصدمة ، وبالتالي تكون تدخلاته متشنجة ومتوثرة قد لا تخدم التصور العام للبرنامج الذي سطره قسم الأخبار ويعمل على تنفيذه أي منشط أو مقدم تلفزيوني، ولا الأهداف المتوخاة من طرح الموضوع والذي كان من المفروض أن يحكمه التحليل المعمق والنقاش الهادئ والمتزن وهي مداخل أسياسية لنجاح أي حلقة من حلقات برنامج تلفزيوني حواري مباشر، زيادة على الصدام المتكرر والجدال السياسوي الفارغ والبوليميك المكشوف والفاضح الذي دخل فيه سامر أبو القاسم عن حزب التراكتور، الحزب الوليد الذي كان معروفا مسبقا أنه سيحرث ويحصد اغلب مقاعد الجماعات الحضرية والقروية، والأخ حسن طارق حول مسألة الأعيان كقوة ضاربة مستحكمة ومتحكمة في الانتخابات في المغرب. وهي النقطة التي استغرق التطاحن بشأنها، حتى لا أقول نقاشها، الحيز الأكبر من المدة الزمنية المخصصة لحلقة البرنامج.
مع العلم أن مسألة الأعيان أو ما يسمى بالكائنات الانتخابية هي حقيقة تابثة تطبع بنية الانتخابات في المغرب، منذ أول انتخابات عرفها المغرب إلى الآن، وهي الأسر والعائلات التي اغتنت وأصبحت لها ثروة مالية وعقارية واستتثمارات ضخمة، بفعل قبضتها على المسؤوليات في الجماعات المحلية بالقرى والمدن والجهات، وتحكمها في البنية الانتخابية واستمرار نجاحها في كل الاستحقاقات، إلى حد توريث الجماعات التي كانت ترأسها للأبناء والأحفاد ولأفراد العائلة أو القبيلة والعشيرة.
فالأعيان أو"مول الشكارة" بالمفهوم الشعبي المتداول والشائع، كل الأحزاب السياسية وبدون استثناء تخطب ودها لكي تترشح باسمها، وتتسابق الأحزاب من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها إلى إسلامييها لمنحها التزكيات ما دامت مضمونة النجاح، وتجلب مقاعد للأحزاب التي تترشح باسمها، فلا داعي ليزايد أحد على أحد بالخصوص في هذه الحقيقة الصادمة.
الأعيان قوة عددية حاسمة، كثيرا ما توظفهم الدولة كلما أحست باختلال ميزان القوة لديها، كما يتم توظيفهم لاستقطاب وشراء النخب التي تحمل تصورا يعاكس توازنات الدولة وتوجهاتها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق